قيس عوني
مدير عقاري
عقار للتطوير والاستثمار العقاري
سجلت مؤشرات الاقتصاد القطري انخفاضاً خلال الحصار الذي استمر ثلاث سنوات ونصف بالرغم من جهود الحكومة السخية في سبيل تعزيز التعافي من وقع هذه الأزمة. وبطبيعة الحال، تأثر السوق العقاري سلباً نتيجة الحصار كونه أحد أنشط القطاعات القطرية وأهمها.
قبل هذه التطورات الأخيرة، مر السوق العقاري القطري بفترة ازدهار استمرت ثلاث سنوات في الأعوام من 2013-2015 نتيجة الحركة المعمارية الواسعة والنمو السكاني السريع الذي رافق تحضيرات كأس فيفا لبطولة العالم لعام 2022. ولكن، بحلول عامي 2016 و2017 شهد السوق العقاري تباطأً ملحوظاً، ومنذ ذلك الحين، ومع بداية الحصار (حزيران 2017)، استمر السوق بالمعاناة، ومن ثم حلت جائحة كوفيد-19 التي اجتاحت العالم في أوائل 2020، فأدت إلى تعميق ركود الأداء الاقتصادي القطري، وشمل ذلك بطبيعة الحال السوق العقاري على غرار ما مر به العالم أجمع.
والآن، مع إعادة فتح الحدود بين قطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، والإجراءات المتخذة للحد من انتشار الفيروس، والبدء بحملات التلقيح (التي نأمل أنها تبشر بنهاية قريبة للجائحة)، فإن من المتوقع عودة أسعار العقارات للارتفاع نتيجة هذه التطورات المشجعة. كما يُنتظر المزيد من التحسن والتعافي نتيجةً للقوانين الجديدة التي بدأت الحكومة القطرية العمل بها في 2019 المتعلقة بتملك الأجانب للعقارات، حيث أنها سمحت لهم بتملك العقارات في قطر والحصول على إقامة دائمة لمدة 99 عاماً.
شقق للايجار قطر
كما بادرت الحكومة بطرح المزيد من التسهيلات في شهر أكتوبر 2020 من خلال زيادة عدد المناطق التي تُطبق فيها قوانين التملك الحر، حيث تجيز هذه القوانين لغير القطريين شراء العقارات والحصول بشكل تلقائي على الإقامة الدائمة، وذلك في سبيل جذب المزيد من المستثمرين والأجانب.
من المتوقع نمو مبيعات العقارات السكنية حالما يتعمق أثر هذه الإجراءات والتغييرات، مما سيعمل بدوره على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة واستقرار الأعمال الجديدة الأجنبية في البلاد. ويُنتظر تحقيقُ تدفقٍ كبيرٍ للسيولة النقدية في السوق العقاري كأحد الآثار المترتبة على تطبيق هذه الإجراءات مجتمعة. إلى جانب هذا، يُتوقع أن يرافق رفع الحصار إقبالاً من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي على شراء العقارات في قطر، وذلك ليس فقط بهدف الحصول على الإقامة الدائمة، وإنما كذلك ليتوفر لهم مسكن دائم في قطر يقيمون فيه أثناء زياراتهم المنتظمة للبلاد، وينطبق هذا على الأخص في حالة من يسكن أقرباؤهم في قطر.
ولن يقتصر أثر رفع الحصار على تنشيط سوق بيع العقارات فقط، وإنما سيكون له أثر بالغ كذلك على حركة الإيجار السكني والتجاري تزامناً مع سهولة إجراءات دخول مواطني دول مجلس التعاون الخليجي إلى قطر. ومع ارتفاع الطلب، سيزيد عدد الزوار ونسب إشغال عقارات الإيجار السكنية (على المدى المتوسط والطويل).
ونبقى في ترقب نهاية جائحة كوفيد-19 لما يُتوقع أن يتبعها من تحسن سريع في السوق يفوق التحسن الذي رافق رفع الحصار مؤخراً لأن الجائحة تبقى ذات أثر بالغ في السوق العقاري، ولكن هذا يعني أيضاً أن التحسن المتوقع في السوق القطري العقاري لن يكون لحظياً مع نهاية الجائحة وإنما سيكون تدريجياً وسيأخذ فترة من الزمن…