تصحيح السوق، وبطولة كأس الفيفا لكرة القدم 2022، والإصلاحات الحكومية، هي جميعاً خطوات في الطريق الصحيح
إذا سألني أحد: “ما هو أهم عامل في السوق العقاري القطري اليوم؟”، سأجيب: “الاستدامة”.
في هذه المقالة القصيرة، سأحاول إبراز دور الاستدامة في سوق قطر العقاري والخطوات التي اتُخذت حتى الآن لتفعيلها على أرض الواقع.
كان تصحيح السوق الذي بدأ في أواخر عام 2015، بمثابة الخطوة الأولى في سبيل بناء سوق مستدام. فقد تراجع السوق تبعاً لبيانات مؤشر CBQ العقاري إلى 227.3 نقطة في شهر سبتمبر من عام 2019 مقارنة بذروته في شهر ديسمبر من عام 2015 التي بلغت 311.5 نقطة.
حيث جاء هذا الانخفاض في أسعار العقارات السكنية والتجارية بسبب فائض العرض بشكل أساسي. وبتسليم عدد من المشاريع الجديدة، أصبح العملاء يميلون إلى الانتقال إلى مواقع أفضل تتمتع بمرافق مختلفة وحوافز أكبر من المُلّاك وبأسعارٍ أفضل. وفي حين أن المُلّاك كانوا في الماضي يتكيفون مع فترات الخلوّ القصيرة، نجد أن هذا قد تغير الآن. فمع اقتراب موعد بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، أصبحوا يرضون التأجير بأسعار أقل أو تقديم الحوافز للمستأجرين مثل بعض الأشهر المجانية، وذلك لضمان إشغال الوحدات.
أما القطاع المصرفي القطري الذي يشكل عماد القطاع العقاري ومحركه الأساسي، فهو ما زال في صحة جيدة. فقد أنهى صندوق النقد الدولي بالتعاون مع قطر مراجعته للاقتصاد تطبيقاً للبند الرابع من بنود الاتفاقية مع الصندوق، وخلص تقرير الصندوق لما يلي: “مع نهاية سبتمبر 2018، حققت البنوك رسملة مرتفعة (نسبة كفاية رأس المال 16 بالمائة)، واستمرت الربحية بمستوى قوي (نسبة العائد على الاستثمار 1.6 بالمائة)، وظلت القروض العاطلة تشكل نسبة ضئيلة (1.7 بالمائة)، إضافة إلى نسبة معقولة من المخصصات تصل 83 بالمائة”.
من جهة أخرى، ازداد إقبال العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة من الدول المجاورة على تسجيل مكاتبها في قطر، فكان هذا عاملاً آخر ساهم في التوجه نحو بناء سوق مستدام. وبما أن هذا الطلب ازداد في النصف الثاني من عام 2019، فنحن نشهد تأثير دومينو في السوق الآن من جراء ذلك. حيث أدى إلى التفاؤل والثقة بالسوق وإقدام التجار على طرح منتجات جديدة في السوق القطري، وفتح المطاعم والمقاهي والمرافق الجديدة. وبما أن عدد الشركات المسجلة في قطر الآن ارتفع، يعني هذا إشغالاً أكبر للمكاتب ومساحات البيع بالتجزئة. وسيخلق هذا بالطبع الحاجة للمزيد من الموظفين، الذين سيولدون بدورهم طلباً أكبر على الوحدات السكنية.
ستساعد بطولة كأس الفيفا لكرة القدم عام 2022 في تحسين نسب الإشغال للوحدات الشاغرة على المدى القريب. إلى جانب ذلك، هناك الكثير من المشاريع القادمة في كافة أنحاء قطاعات السوق العقاري، مما سيساعد في رفع مستويات الطلب.
وتلعب الحكومة الدور الأهم في استدامة السوق من خلال إنفاذ تنظيمات جديدة. وكانت الإصلاحات الأخيرة فيما يتعلق بالملكية العقارية الأجنبية وتسجيل السماسرة العقاريين ومُلّاك المكاتب، تهدف جميعها لتعزيز الاستدامة والشفافية في السوق العقاري.
من جهة أخرى، يمكن اعتبار “مقاطعة” قطر العامل الأساسي لهبوط الأسعار، وأنا أعتقد أن فائدتها للسوق ستظهر مستقبلاً لأنها أتاحت الفرصة للقطاع بوضع أساسٍ صحي وقوي للنمو قبل موعد بطولة كأس العالم بسنتين. يثبت هذا الحدث الرياضي العالمي دائماً أنه محفز قوي للاقتصاد أينما أُقيم، وهو حتماً سيكون عاملَ دفعٍ قوي للتغيير في السوق القطري.
تقع مسؤولية تعزيز الاستدامة على عاتق جميع المشاركين في السوق، سواء العملاء، أو الوكالات العقارية، أو المُلّاك، أو الحكومة، أو هيئات القطاع الخاص. وبما أن الحكومة بادرت بالفعل بفرض تنظيماتٍ للدفع باستدامة السوق العقاري، يأتي دورنا الآن كهيئات القطاع الخاص لبدء العمل بها.
يمكنك أيضًا البحث عن:
شقق مفروشة للايجار في قطر
استوديو للايجار في قطر