غفران جمال الدين
الرئيس التنفيذي
كاميليا هومز
تُعد قطر خياراً ممتازاً للاستثمار العقاري نظراً لمكانتها كمركز عالمي رئيسي لتصدير النفط. فهي تجذب اهتمام السكان المحليين والأجانب على حد سواء، مما يعمل بدوره على رفع قيمة الاستثمار. وبالفعل، هناك مؤشرات على أن الآلاف من الناس يقصدون قطر من أنحاء العالم كل سنة لينتهزوا فرصها الاقتصادية. وقد تمكنت قطر من تعزيز قطاع السياحة خلال السنوات الماضية ونجحت في جذب الأجانب لزيارتها.
ومن العوامل التي كان لها أثر كبير على الصناعة العقارية في البلاد هي مستويات الثروة الصافية للمواطنين والمغتربين. يعود ذلك لأن هذه الفئة من الناس هي مصدر الطلب المتنامي على المناطق السكنية الراقية المنظمة بشكل جيد. كما تشير أدلة إلى أن معدل نمو السكان في قطر سيؤدي إلى توليد المزيد من الطلب العقاري على المدى البعيد.
وقد أصدرت الحكومة القطرية وراجعت خلال الأشهر القليلة الماضية على وجه التحديد، عدداً من التشريعات التي تهدف لحماية حقوق المستثمرين العقاريين استجابة لتطورات هذه الصناعة. لم يتمكن الكثيرون من التأقلم مع هذه المستجدات، في حين أن كثيرين غيرهم في القطاع العقاري أدركوا أهمية تركيز الحكومة على هذا الأمر والتبعات الإيجابية لذلك.
بالرغم من أن الصناعة العقارية تعيش حالة انتعاش، إلا أنها تأثرت بشدة جراء جائحة كوفيد-19 التي بدأت في نوفمبر من عام 2019. فقد تأجل العديد من المشاريع الإنشائية نتيجة ظروف الوباء. كما أن الكثير من الناس أوقفوا تنفيذ خطط شراء أو استئجار منازل جديدة في تلك الفترة بسبب القيود التي فُرضت على الحركة والسفر، مما أدى إلى حالة من عدم اليقين بشأن خطواتهم القادمة. ومع ذلك، بدأ مستوى المعروض من العقارات بالتوسع بحلول الربع الأول من 2021، حيث أُنجزت حوالي 1700 شقة وفيلا، وعزز ذلك بالطبع من المخزون الإسكاني الإجمالي في قطر.
الآن، يشهد السوق العقاري القطري تحسناً كبيراً بعد أن انقضت أسوأ مراحل الوباء. وقد تم تسليم عدد من المشاريع السكنية والتجارية في مناطق استراتيجية مثل لوسيل مارينا وفوكس هيلز وواجهة لوسيل البحرية وغيرها.
ومما يجدر ذكره أن الكثير من القطاعات سعت للعمل عن بعد خلال جائحة كوفيد-19، وكانت الصناعة العقارية إحداها. ومن أهم الاتجاهات الناتجة عن ذلك هو التحول الرقمي للشركات، الأمر الذي تبين أنه لصالح الصناعة العقارية القطرية. فقد حثت هذه المستجدات الشركات العقارية، بما في ذلك المطورين والوكالات، للتركيز بشكل أكبر من ذي قبل على تطوير موادها وتكنولوجيتها التسويقية والتوجه نحو استخدام الأدوات التقنية المبتكرة مثل التقاط مقاطع الفيديو بالاستعانة بطائرات الدرون، وتصوير الجولات العقارية ثلاثية الأبعاد والعروض الافتراضية.
خلقت هذه الظروف الجديدة سبباً دفع معظم الشركات التي لم يكن لها مواقع على الإنترنت لإنشاء هذه المواقع. ويعود ذلك لأن مواقع الويب المصممة بشكل احترافي والتي تأخذ قواعد تحسين محركات البحث بعين الاعتبار، غالباً ما تحتل مراتب أعلى ضمن صفحة نتائج جوجل وغيره من محركات البحث، مما يؤدي لجذب العملاء المحتملين الجادين. هذا إلى جانب ما يسهم فيه موقع الويب الفعال الغني بالمعلومات المفيدة والذي يَسْهُل التعامل معه في بناء ثقة العملاء المحتملين. ناهيك عن مدى الأهمية التي حظيت بها منصات التواصل الاجتماعي الأكثر شهرة في تسويق الشركات العقارية. فأهمية الحضور على هذه المنصات تتلخص في أنها تعزز من ظهور العلامة التجارية وعرضها للعملاء المحتملين والزبائن الذين لم تتسن لهم فرصة التعرف على هذه العلامة بطريقة أخرى، ولم يكونوا ليعرفوا ما يمكنها تقديمه لهم أو كيفية الوصول إليها. نتيجة لذلك، أنشأ معظم المستثمرون العقاريون محتويات مشوقة في صفحاتهم على منصات التواصل الاجتماعي باستخدام مقاطع الفيديو والصور والوصف الجاذب.
هناك حقيقة أخرى واضحة، وهي أن بطولة كأس العالم فيفا 2022 التي ستقام في قطر بدأت التأثير بالفعل على السوق العقاري. فقد أدى إقبال الزوار على تأمين إقامتهم في البلاد وحجز عدد كبير من الوحدات السكنية إلى ارتفاع الطلب على الشقق والفيلات. قد يكون من البديهي الظن بأن القطاع العقاري سيتأثر كذلك في أعقاب بطولة كأس العالم، حيث أشارت بعض التوقعات لانخفاضٍ مؤقت في الطلب على الوحدات السكنية حينما يبدأ الزوار والمقاولون في مغادرة البلاد بأعداد كبيرة، ولكنني شخصياً أعتقد أن هذا التنبؤ لا يتعدى كونه تحزراً! فهناك الكثير من العوامل في المعادلة قد تؤدي إلى قلب الموازين وإثبات عكس هذا الافتراض.
من جهة أخرى، دفع التنافس بالمستثمرين والمهنيين العقاريين للبحث عن تبني اتجاهات جديدة للبقاء في السوق. فبالرغم من أن السوق العقاري في قطر يُعرف بأنه كبير، إلا أن عدداً قليلاً من اللاعبين كانوا يهيمنون عليه في السابق. لهذا، لجأ معظم المهنيون العقاريون اليوم لتبني اتجاهات ناشئة وامتثال ممارسات جديدة من شأنها مساعدة أعمالهم في الازدهار أو على الأقل البقاء في مثل هذا السوق المتغير بسرعة. أما أولئك الذين لم يتمكنوا من التأقلم مع الظروف المستجدة، فمصيرهم إلى الزوال، وهذا يفتح المجال لنهج فكري واستراتيجيات ورؤى جديدة.
بالرغم من أن بعض العوامل الظاهرة والأخرى الباطنة تشكل عوامل خطر محتملة في السوق العقاري القطري، إلا أن الصناعة ما زالت في حالة ازدهار، بل على العكس، يتوقع ارتفاع الاستثمار الأجنبي في السوق العقاري خلال السنوات القادمة. وسيكون هذا ممكناً بشكل أساسي بسبب توجه المهنيين العقاريين نحو الابتكار، وإدراكهم أهمية دمج ممارسات الصناعة القديمة والحديثة لتحقيق النجاح والتميز.
تم نشر هذا المقال كجزء من الإصدار الثامن من تقرير اتجاهات بروبرتي فايندر قطر.