تكنولوجيا سلسلة الكتل تغير وجه الصناعة العقارية

ميشيل كفوري
مدير التسويق والاتصالات
مجموعة ريجنسي القابضة – الأصمخ

نظراً لاندماج تكنولوجيا سلسلة الكتل في الخدمات المالية وبعد الانتشار الواسع لتطبيقاتها في كثير من المجالات، أصبح من الصعب العثور على قطاعٍ أو مجال أعمال لم يتأثر بعد بهذه التكنولوجيا العبقرية. سواء شئت أم أبيت، أصبح تأثير العملات المُعمّاة ظاهراً في عالم الدفع والتحويلات والحوالات وصرف العملات الأجنبية وغيرها، وسببت تكنولوجيا سلسلة الكتل ثورة واسعة حتى في مجالٍ مثل صناعة سلسلة توريد الأغذية على سبيل المثال.

ولم يختلف الأمر في القطاع العقاري الذي لم يسلم هو الآخر من أثر تكنولوجيا سلسلة الكتل المُزلزِل. ففي السابق، لم يكن التداول الرقمي حصرياً بالأصول القيّمة (مثل العقارات بالطبع) أمراً آمناً، بل اقتضت هذه التعاملات العقارية مشاركةً فعلية (مقابلةً وجهاً لوجه) بين الأطراف المعنية. لكن تكنولوجيا سلسلة الكتل مهدت الطريق لتغيير هذا الواقع وقدمت لنا ما يعرف حالياً بالعقود الذكية، حيث يمكن الآن ترميز العقارات وتبادلها تجارياً كحال العملات المُعمّاة (مثل البيتكوين) على منصةٍ تقوم على تكنولوجيا سلسلة كتل.

وفيما يلي ستة طرق غيرت فيها تكنولوجيا سلسلة الكتل عمل الصناعة العقارية.

  1. المنصات ولوحات التحكم والأسواق

اعتمدت الصناعة العقارية منذ زمن بعيد على الإعلانات العقارية، وكان تنفيذ الصفقات فيها يتم عن طريق الوصل ما بين المشترين والباعة. أما بعد إدخال تكنولوجيا سلسلة الكتل، أصبحت هناك طرق جديدة لتبادل العقارات تجارياً، فيما تمكِّن هذه التكنولوجيا منصات التبادل التجاري ومنصات التحكم والأسواق الرقمية من الدعم الأكثر شمولية للمعاملات العقارية. 

نشهد في السوق اليوم دخول المنصات المستحدَثة التي تستخدم تكنولوجيا سلسلة الكتل في جهودٍ ترمي لتسهيل المعاملات العقارية وتأجير العقارات. باستخدام الترميز، يمكن تبادل الأصول تماماً مثل الأسهم من خلال بوابةٍ رقمية آمنة، حيث يمكن لأصحاب العقارات الراغبين بالبيع ترميز أصولهم ومعاملتها كأسهمٍ في صفقة مبيعات أسهم، ومن ثم تصفية هذه الأصول ببيع ترميز العقار على هذه المنصة الذكية. وما إن تتم عملية البيع، يمكن استبدال قيمة الرمز بالمبلغ النقدي المتفق عليه ويصبح المشتري مالكاً حسب النسبة التي تخصه من الأصول.

  1. لا حاجة للوساطة أو التواسط

لعقودٍ طويلة، شكل الوسطاء العقاريون والمحامون والبنوك جزءً من النظام العقاري، لكن تكنولوجيا سلسلة الكتل قد تغير من هذا كله بما سببته من انقلاب الأدوار في المعاملات العقارية. وقد ورد في تقريرٍ لشركة ديلويت في المملكة المتحدة أن المنصات الرقمية ستضطلع في نهاية المطاف بتأدية المهام الروتينية المتعلقة بإصدار الإعلانات وعمليات الدفع والتوثيق الرسمي، بمعنىً آخر، أتمتة سير العمل. وبإلغاء الوسطاء، سيحصل كل من المشترين والباعة على قيمةٍ أكبر من مالهم بتوفير العمولات والرسوم التي كانوا يتكبدونها لقاء خدمات هذه الأطراف. ولا ننسى أن من نتائج الأتمتة تسريع التعاملات وجعلها قياسية بعد استثناء المفاوضات التي كانت تجري بين الوسطاء.

نملك اليوم نهجاً جديداً لربط المشترين والباعة بفعالية وبشكل عملي دون الحاجة للوسطاء أو الوسيطات، مما سيوفر الكثير من الوقت والمال. ومن شأن هذه التكنولوجيا أيضاً المساعدة في تنظيم الملكية العقارية الجزئية، ولكن دعونا نناقش هذا الجانب لاحقاً.

  1. السيولة

يُنظَر للعقارات في عالم الأعمال على أنها استثمارٌ آمن لكنها أصول غير سائلة لأنها تحتاج إلى تحديد ووقت لإتمام عملية البيع. لكن هذا سيتغير قريباً! حيث يمكن نظرياً المتاجرة بالأصول مقابل نقد إلزامي بفضل العملات المُعمّاة ومبدأ الترميز، كما أن الباعة لن يضطروا لانتظار مشترٍ يدفع ثمن العقار كاملاً قبل أن يتمكنوا من الاستفادة منه. هل تكونت لديك فكرة واضحة الآن؟ تابع القراءة للحصول على نظرة أشمل عن الموضوع.    

  1. الملكية الكسرية:

ذللت تكنولوجيا سلسلة الكتل العقبات أمام المستثمرين بتطبيق مفهوم الملكية الجزئية، حيث لم يعد الاستثمار بالضرورة يتطلب مبالغ طائلة من المال تُدفع مقدماً لاقتناء عقار، بل أتيح المجال للمستثمرين بالتعاون معاً والتشارك في الاستثمار بالصفقات الكبيرة الباهظة. واليوم، يمكن للمستثمرين استخدام تطبيق متاجرة من خلال سلسلة الكتل وشراء أو بيع ترميزات العقارات أو حتى نسباً منها بما يناسب ظروفهم ورؤيتهم. كما أن مثل هذه الملكية الجزئية ستساعد المستثمر في تجنب مهام إدارة العقار (بما في ذلك الصيانة والتسويق والتحصيل والتأجير).

بعد ما ذُكر سابقاً، قد لا تستدعي الحاجة للتذكير أن تكاليف ولو جانبٍ واحدٍ من هذه الجوانب كالصيانة على سبيل المثال، قد تصل إلى مبالغ طائلة، بينما تكون متابعة المستأجرين عادةً جانباً آخر مرهق. ويؤثر هذا على نشاطات أخرى ذات علاقة مثل الحصول على القروض، حيث يستخدم أصحاب العقارات أصولهم كضمانات للقروض لتسهيل الحصول على النقد السريع.

  1. اللامركزية والشفافية

يستطيع كافة الأقران على الشبكة الآمنة الوصول إلى المعلومات المُخزنة في سلسلة الكتل، مما يميز البيانات بالشفافية والقطعية ويستحق الثقة بأمان هذه التكنولوجيا اللامركزية. ومن شأن الشفافية أن تصبح منقذةً في حال طرأت تحولات سريعة على الأحداث، فما علينا إلا تذكر الانهيار الاقتصادي عام 2008 جراء الفقاعة الإسكانية الأمريكية لنرى الآثار المدمرة للجشع وانعدام الشفافية. 

أما قواعد البيانات اللامركزية، فهي تتميز بأن الثقة تُكوّن جزءً لا يتجزأ منها، وبما أن التحقق من المعلومات متاح للأقران، يمكن للمشترين والباعة الاشتراك بصناديق ائتمان أثناء سير العملية العقارية، وتقلل هذه المزايا بطبيعة الحال من فرص الاحتيال. هل فكرت باستخدام العقود الذكية من قبل؟ لقد بدأت مثل هذه العقود تحقق مشروعيةً في ظل التشريعات الجديدة، الأمر الذي سيعطيها نفوذاً أكبر يتعدى التكنولوجيا بحد ذاتها. 

  1. التكاليف مقابل القيمة

تساعد الشفافية المرتبطة بالشبكات اللامركزية في تقليل تكاليف المعاملات العقارية بلا شك، وهي في نفس الوقت تضيف القيمة في جميع الجوانب. 

بالإضافة لإزالة تكاليف عمولات ورسوم الوسطاء، ستنخفض كذلك تكاليف التفتيش ورسوم التسجيل والقروض والضرائب العقارية اعتماداً على دائرة الاختصاص. وكما هو الحال مع الوسطاء، ستنخفض هذه التكاليف تدريجياً إلى أن تختفي كلياً من المعادلة في الوقت الذي تسعى المنصات فيه إلى أتمتة هذه العمليات وجعلها جزءً من النظام الجديد.

تُقدَر قيمة العقارات المحلية والإقليمية بمئات البلايين من الدولارات ولكنه قطاع يسيطر عليه الأثرياء والشركات الكبرى. أما تكنولوجيا سلسلة الكتل، فهي تتيح للمستثمر الصغير فرصة دخول منصة التداول في السوق بهيئةٍ أكثر أمناً وشفافية ومساواة. قد يحوّل هذا المعاملات العقارية في نهاية الأمر إلى نشاطٍ من القرين للقرين، في الوقت الذي تتولى فيه المنصات القائمة على تكنولوجيا سلسلة الكتل أتمتة معظم خطوات العمل.     

تم نشر هذا المقال كجزء من الإصدار السابع من تقرير اتجاهات بروبرتي فايندر قطر.

:يمكنك أيضاً البحث عن
فلل للايجار قطر
شقق فندقية الدوحة